❗️sadawilaya❗
الكاتب والمحلل السياسي يحيى دايخ 3 كانون الأول 2025
الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر صرح قُبيل مغادرته لبنان إنه سيتواصل مع قادة العالم لتجنيب لبنان حروب أخرى.
بناء على المسعى الذي سيعمل عليه رئيس الكنيسة الكاثوليكية، ومن خلال بحث كرونولوجي يتناول بشكل منهجي وتحليلي مدى استجابة إدارات الولايات المتحدة وخاصةً في عهد ترامب تحديدًا، والحكومات الإسرائيلية الحالية والماضية، لدعوات البابوات في حماية لبنان وفلسطين، مع تركيز خاص على التصريح الأخير للحبر الأعظم بشأن لبنان يتبين التالي:
في خطابه الأخير، صرّح البابا لاوون الرابع عشر من لبنان عن عزمه التواصل مع قادة العالم، بهدف تجنيب لبنان ويلات حرب جديدة، داعيًا إلى السلام والعدل.
هذا التصريح الإنساني في جوهره، يطرح تساؤلات عن جدواه الفعلية، خصوصاً أمام قوى كالإدارة الأمريكية الحالية وحكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو، المعروفة بتطرفها وازدرائها لمفاهيم القانون الدولي وحقوق الإنسان، ناهيك عن الموروث التاريخي لعدم احترام الدعوات الكنسية في الشرق الأوسط.
أولاً: استجابة الإدارة الأمريكية الحالية (بعهد ترامب) لدعوات الحبر الأعظم
1. شعار "السلام عبر القوة" بدلًا من العدالة
- إدارة ترامب روّجت لفكرة "فرض السلام بالقوة"، والتي تُناقض دعوات الفاتيكان المستمرة للسلام عبر الحوار والعدالة.
- في عهد ترامب السابق:
- تم نُقل سفارة واشنطن إلى القدس (2017)، رغم رفض دولي واسع، ورغم استنكار البابا فرنسيس آنذاك.
- كما تمّ العمل على فرض "صفقة القرن" التي تُقصي الحقوق الفلسطينية والقدس من أي حل عادل.
- خُفّض دعم الأونروا، مما أثّر على مسيحيي ومسلمي فلسطين على السواء.
بالاستنتاج:
منهج ترامب لا يولي اعتباراً للأصوات الأخلاقية أو الدينية، بل يندرج ضمن سياسات القوة والاستفراد.
بالتالي، فإن استجابة واشنطن لدعوة البابا بشأن لبنان "غير مرجحة عملياً".
ثانيًا: استجابة نتنياهو والحكومات الإسرائيلية لدعوات البابوات
1. سجل طويل من تجاهل الدعوات البابوية
- البابا يوحنا بولس الثاني (2000):
زار الأراضي الفلسطينية، صلّى عند الجدار، ودعا لإقامة دولة فلسطينية.
كانت النتيجة: أن "إسرائيل" واصلت بناء المستوطنات، وتصعيد الاعتداءات.
- البابا بنديكتوس السادس عشر (2009):
زار فلسطين المحتلة وعبّر عن ألم المسيحيين والمسلمين من الاحتلال.
فكانت النتيجة: ازدياد خنق مسيحيي القدس والضفة.
- البابا فرنسيس (2014):
زار بيت لحم والقدس، وطالب باحترام كرامة الفلسطينيين.
والنتيجة: تصاعدت الاعتداءات، وسقط عشرات الشهداء خلال مسيرات العودة.
2. استهداف المسيحيين الفلسطينيين
- كنائس حُرقت وشُوّهت في القدس والناصرة.
- مشاريع تهويد واسعة للبلدة القديمة في القدس، طالت الأوقاف المسيحية أيضًا.
- لم تسلم الكنيسة من الضرائب والابتزاز المالي في القدس.
3. حكومة نتنياهو الحالية
- يقودها تحالف ديني / فاشي لا يعترف حتى بمسيحية غير صهيونية، ويعتبر الفاتيكان خصماً حضارياً.
- وزراء فيها دعوا سابقًا لطرد المسيحيين ومنع "تبشيرهم".
الاستنتاج الثاني:
تاريخياً، لم تُبدِ الحكومات الإسرائيلية السابقة احتراماً لأي دعوة بابوية.
وحكومة نتنياهو الحالية هي الأكثر عدوانية وتطرفاً من الحكومات السابقة، وبالتالي فإن تجاوبها مع البابا من المرجح أنه سيكون معدوم أو دعائي فقط.
ثالثًا: الواقع اللبناني بين دعوة البابا والوقائع الصلبة
- الفاتيكان يدعو لحماية لبنان، لكن واشنطن وتل أبيب واقعاً تدفعان نحو تفجيره من الداخل عبر الضغط الرسمي وعملائهم في الداخل على المقاومة.
- الدعم الأمريكي والغربي المشروط بنزع السلاح وتعديل موازين القوى "يناقض كلياً نداءات الفاتيكان".
- البابا يستند إلى مناشدات أخلاقية وإنسانية، لكن اللاعبَين الرئيسيين في الصراع (أمريكا و"إسرائيل") يحتقران هذا النوع من الدعوات ما لم يقترن بالقوة أو الضغط المادي.
رابعاً - خلاصة تحليلية كرونولوجية:
1. 1990–2000: البابا يوحنا بولس الثاني يرفع الصوت ضد الاحتلال؛ "إسرائيل" تتجاهل، وواشنطن تحميها.
2. 2000–2010: البابا بنديكتوس السادس عشر يدعو لاحترام المسيحيين، والاعتداءات تتواصل.
3. 2010–2020: البابا فرنسيس يزور الأرض المحتلة، ولا أي تغيير ملموس في سياسات الاحتلال.
4. 2017–2020 (ترامب): دُفن منطق العدالة لصالح "السلام بالقوة".
5. 2024–2025: البابا يجدد من لبنان دعوته للسلام، و"إسرائيل" تهدد بحرب جديدة، وواشنطن تصمّ آذانها.
في الخاتمة:
إن دعوة الحبر الأعظم تعكس دوراً أخلاقياً وإنسانياً مهماً، لكن البيئة الدولية والإقليمية خصوصاً مواقف الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي، تُظهر أننا أمام قوى تتعامل مع الدين والدبلوماسية كغطاء، لا كمرجعية.
لذلك، تبقى المقاومة والحصانة الوطنية الضمان الحقيقي لحماية لبنان، لا النداءات الأخلاقية والإنسانية وحدها.